إهداء لعمر الخامسةِ والعشرين .. دروسي في سِن السادسة عشر
- Rahaf
- Feb 26, 2022
- 2 min read
وأنا أتمعن في مقتنيات والدي القديمة، مخبأة جميعها داخل حقيبة واحدة، فكرتُ في أنه من الجيّد أن يكون لي حقيبة مماثلة، تخصني، تخليدًا للذكريات التي عشتها.
تذكرتُ أنّي قمتُ بكتابة رسالة وعاهدتُ نفسي على أن أقرأها في سِن الخامسة والعشرين فقط. إلّا أن التاريخ القديم يجرني الآن.
متأكدة من أن رهف ستغفر لي هذا التعجل، ستتفهم حاجتي الملحة إلى الحديث مع الماضي. إنها المرةُ الأولى منذ سنتين التي أطلب فيها أن أعود إلى الوراء، لست بالفتاة التي تنظر للخلف، لكني أنظر إلى المسرات القديمة، التي تسحبني لها، تغرس في روحي أفكاري الأصيلة، مواقفي، وشعوري.
كانت رسالة بداخل ظرفٍ عنوانهُ :
(إهداء لعمر الخامسةِ والعشرين .. دروسي في سِن السادسة عشر)
نفسي أولى
لكي تنضج عليك أن تدفع ثمنًا عظيمًا
ستساعدك الكتب على اجتياز الأيام الصعبة
القرب من الله مصدر السعادة الدنيوية
عائلتك سيكونون مصدر ألم في بعض أيام حياتك
عائلتك ستكون رقم واحد في حياتك
لا تطلق مسمى "صديق" على كل عابر
ستدرك أن الناس مليئين بالتفاهات
ستتعلم أن بعد كل كرب فرج
ستتمنى اختفاؤك من الوجود
ستقدر السلام والإستقرار
تحديات الحياة ستكون سبب لنضجك
ستكره خوض النقاشات المؤلمة والمعارك لأجلك
ستحب مقتنيات بسيطة ذات معنى كبير لك
ستكره الخروج خلف اسوار بيتك الصغير
ستحمد الله كثيرًا
عقلك سيكون أثمن شيء تملكه
مشاكلك المؤلمة ستكون ضئيلة و مضحكة للآخرين
*تعلمت أشياء عظيمة ولم تكن قليلة .. لكن هذا الذي خرج مني .. وأعتقد أن ما بقي أخذ يُكوّنني.
شعرتُ لوهله وكأنها لم تكنُ أنا نفسها التي كتبت ما بداخل هذا الظرف.
أذكر جيدًا أنني قمتُ بأخذ نفس الورقة، ونفس القلم التي طُبع حبره الآن أمامي، إلّا أنّ أفكاري هذه بعيدة جدًا.
وكأنه عقل شخصٍ آخر، ليس عقلي.
لا أنكر أن هذه الدروس هي من شكلت من هُويتي الآن، وأنا ممتنةٌ لذلك، ودروسٌ أخرى، كما كتبت أخذت تُكوّنني. وهذا ماحدث بالفعل.
لطالما أعتقدتُ بأن سِن السادسة عشر مهم جدًا، ومن هنا تبدأ معتقدات الشخص الأصيلة بالتشكل، و بأن سِن الخامسة والعشرين محاكاة على أرض الواقع لهذه الأفكار. أي بمعنى أخر، ستتشكل البصمة التي كوّنها في سنواتك السابقة على هذه الحياة.
والليلة، تيقنتُ بأن هذا ما سيحصل فعلًا.
أو على الأقل ماسيحصل لي أنا على وجه الخصوص.
ولا أنكر أيضًا أنني تلقيتُ دروسًا جديدة أدحضت بعضًا مما كتبته. فكنتُ أرى أن العقل أثمن من القلب. و لم أحاول حتى في أن أمنح قلبي فرصةً لأن يتفوه دفاعًا عن نفسه، ومررتُ بتجارب و أيام لقنتني دروسًا، وعلمتني أن القلب هو أساس حياتي. و كما أنني في الآونه الأخيرة، في مدوّنتي أصبحتُ أدينُ لقلبي بعضًا من كتاباتي، لأني وجدتهُ جزء عظيم فيّ.
وخلاصةُ هذا الدرس، هو أن كلاهما، العقل والقلب، لا يمكن الأستغناءُ عنهما. إلّا أن كبح المشاعر في المواقف التي تستدعي ذلك، والإستبصار بالقلب في المواقف التي تستدعي ذلك، هو فن. و التعقل في مواقف أخرى أيضًا هو حِكمةٌ ودهاء.
الدروس كثيرة، و مايستفاد منها أكثر. لذا مرةً أخرى، أشكر ذاتي القديمة، وأمنح ذاتي الحالية التقدير، و أحيي ذاتي القادمة. كل هذا يجب العناية به، داخل حقيبة ثمينة.
كل الحُب،
رهف مرزوق.
Commentaires